recent
أخبار ساخنة

حقوق الإنسان والحريات العامة

حقوق الإنسان والحريات العامة

حقوق الإنسان هي المبادئ الأخلاقية أو المعايير الاجتماعية التي تصف نموذجاً للسلوك البشري الذي يُفهم عموما بأنه مجموعة من الحقوق الأساسية التي لا يجوز المس بها وهي مستحقة وأصيلة لكل شخص لمجرد كونها أو كونه إنسان ، فهي ملازمة لهم بغض النظرعن هويتهم أو مكان وجودهم أو لغتهم أو ديانتهم أو أصلهم العرقي أو أي وضع آخر. وحمايتها منظمة كحقوق قانونية في إطار القوانين المحلية والدولية ، وسوف نتعرف عن الحريات العامة لحقوق الإنسان مع سيادة القاضي المستشار أنيس صالح جمعان :

الحريات العامة يقصد بها الحريات التي تتيح للإنسان ممارسة حقوقه الأساسية مثل حق الأمن وحق الحياة والحق في الخصوصية وحق الفرد في التنقل وحق ممارسة شعائر الدين كما تشمل بصفة خاصة حريات الاجتماع، حرية الصحافة،حرية التعبير،الحرية الدينية،حرية التعليم،فالحرية في مجال ممارسة هذه الحقوق تعتبر بمثابة امتياز شخصي متصلة بشخصية الإنسان يحميها القانون.

 ويرتبط مفهوم الحريات العامة في العصر الحديث ارتباطاً وثيقاً بالدستور المتبع في الدولة، فالحرية هي مجموعة الحقوق الأساسية التي يجب أن تُقَدمها الدولة للفرد حسب ما نصَّ عليه الدستور الدولي، مع ضرورة الحفاظ على كرامة المواطنين، وحمايتهم من أيّ انتهاك أو ظلم أو قمع من الأفراد أو السلطات أو الجماعات الإرهابية، مع ضرورة التزام أفراد الدولة بعدم الإضرار أو التعدي على حقوق الآخرين.

أنواع الحريات العامة ما يلي :

الحريات الشخصية :

لا شك في أنَّ الحريات الشخصية تأتي في مقدمة الحريات باعتبارها ضرورية لإمكان التمتع بغيرها من الحريات العامة، إذ إنها تعد شرطاً لوجود غيرها من الحريات العامة، و هي التي تتعلق بكيان الإنسان وحياته وما يتفرع عنه كالحق في الحياة، حرية التنقل، سرية المراسلات، حرمة المسكن. وهي الحريات المتعلقة بوجوده.

1 ـ حرية التنقل :

المقصود بهذه الحرية أن يكون لكل فرد الحق في الانتقال من مكان إلى آخر سواء في الدولة أم من دولة إلى أخرى، بحيث لا يخضع إلى قيد أو مانع إلا إذا نص القانون على ذلك، وتعني حق الانتقال من مكانٍ لآخر، والخروج من البلاد والعودة إليها دون تقييد أو منع إلا وفقاً للقانون، ولكن يلاحظ أن هناك حدوداً لحرية التنقل تتجلى في عدد من الحالات مثل :
1- يمكن أن تقيد حرية التنقل بالنسبة لبعض الأشخاص، إذا كان في ذلك حفاظ على الأمن أو ضمان لحقوق الآخرين، وذلك كما هو الحال عندما يحد من حرية تنقل المجرمين الخطرين.
2- يتم تقييد حرية التنقل بالنسبة للمصابين بأمراض معدية حفاظاً على الصحة العامة.
3- حالات الحرب بصفة عامة يحق للسلطات المختصة أن تحد من تحركات الناس على نطاق واسع، كما يحق لها أن تأمر المواطنين جميعاً بلزوم ديارهم في أوقات معينة كأوقات الغارات الجوية مثلاً.
4- في بعض الظروف يكون من حق الدولة أن تمنع هجرة الأهالي إلى بعض المناطق المزدحمة بالسكان، ولاسيما إذا كانت هذه الهجرة تتسبب في إحداث نوع من الاختلال الاقتصادي.
وحرية التنقل قد نصت عليه المادة 13 من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 حيث جاء فيها" لكل فرد الحق في التنقل واختيار محل إقامة، لكل فرد الحق في مغادرة اي بلد بما فيه بلده كما يحق له العودة إليه" لتضيف المادة14 منه" يحق لكل شخص أن يلتمس اللجوء إلى دولة أخرى للتخلص من الإضطهاد "

2 ـ حرية الأمن الشخصي :

أي عدم جواز القبض على أحد الأشخاص أو اعتقاله أو حبسه إلا في الحالات المنصوص عليها في القانون وبعد اتخاذ جميع الإجراءات والضمانات التي حددها هذا القانون ..


ويطلق على هذا الحق في الحياة، و هو حق الشخص في الوجود وحقه في أن تحترم روحه وجسده باعتباره كائن حي أراد له الله الحياة وكرمه وفضله على كثير من الخلق، فقد جعل الإسلام حماية روح الإنسان تعادل حماية النوع البشر بدليل تحريم قتل الإنسان للإنسان، كما أكدت كل المواثيق الدولية والدساتير المختلفة على حق الإنسان في سلامة نفسه وروحه واستمرارية وجوده، وقد نص على هذا الحق بموجب المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 (لكل فرد الحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية).
و ترتبط الحرية الشخصية الحق في الأمن الشخصي، إن هذا الحق غير كاف بذاته بل يجب أن يحيا الإنسان في أمان وطمأنينة فلا يجوز القبض عليه أو حجزه ، ويمنع اتخاذ أي تصرف يمس بأمنهم إلا طبق للقانون وفي الحدود التي رسمها ووفقا للإجراءات والضمانات التي قررها، وفي هذا الخصوص نصت المادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (لا يمكن أن يخضع للتعذيب و أن يعامل معاملة قاسية أو لا إنسانية تحد من كرامته).

3 ـ حماية الحياة الخاصة :

تعدّ حرمة المسكن من أهم عناصر الحياة الخاصة الجديرة بالحماية، وهو الذي يقتضي تحريم اقتحام مسكن أحد الأفراد أو تفتيشه إلا في الحالات ووفقاً للإجراءات التي يحددها القانون والمسكن هنا لا يقتصر على المنزل الذي يقيم فيه الشخص إقامة دائمة، بل ينصرف إلى كل مكان يقيم فيه الشخص بصفة دائمة أو عرضية، وسواء أكان مالكاً له أم مستأجراً إياه، أو يقيم فيه على سبيل التسامح من مالكه ..

لقد منح الإسلام الفرد حرية كاملة في اتخاذ المسكن الذي يراه مناسبا له طالما لا يلحق ضررا بالآخرين ولا يتعسف في استعمال حقه وحريته في التملك، وقد كفل الإسلام للمسكن حماية خاصة حيث اشترط الاستئذان قبل دخول البيوت ونهى عن التجسس والتصنت عليها، أما القوانين الوضعية فقد حظرت على السلطات اقتحام المساكن في غير الأحوال المنصوص عليها في المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان : «لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه...» وهو المنهج ذاته الذي اتبعته الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان في المادة 8 منها.
ومن الحريات الشخصية أيضا سرية المراسلات التي تقتضي عدم جواز مصادرة أو حجز أو إفشاء الوثائق الخاصة أو الخطابات وعدم التصنت على المكالمات الهاتفية احتراما وحفاظا على الحياة الخاصة للفرد وأسراره، حيث جاء في المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أنه (لا يجوز أن يتعرض لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شؤونه الخاصة أو أسرته أو مراسلاته).

ثانياً - الحرية الفكرية :

1 ـ حرية العقيدة والديانة :

ويقصد بها حرية الشخص أن يعتنق الدين أو المبدأ الذي يريده، وحريته في أن يمارس شعائر ذلك الدين، وذلك كله في حدود النظام العام وحسن الآداب، وتتمثل هذه الحرية في الآتي:
(1) حرية الاعتقاد مصونة وتحترم الدولة جميع الأديان.
(2) تكفل الدولة حرية القيام بجميع الشعائر الدينية على أن لا يخل ذلك بالنظام العام...».
قد نصت المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 9 من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان على ذلك.

2 ـ حرية التعليم والحريات الأكاديمية :

وهي تتجلى خصوصاً في الفرد في حق الفرد أن يتلقى قدراً من التعليم، وعلى قدم المساواة مع غيره من المواطنين، دون أن يميز بعضهم من بعض بسب الثروة أو الجاه، وتفترض هذه الحرية أيضاً وجود مدارس مختلفة، وصنوفٍ متعددة من العلوم، وأن يكون الفرد حراً في اختيار العلم الذي يريد أن يتعلمه.

وقد جاء النص على حرية التعليم في المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي أوجبت مجانية التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل، وأن يكون التعليم الأولي إلزامياً والتعليم الفني والمهني في متناول الجميع، وأن يتاح التعليم العالي للجميع على أساس المساواة.

3 ـ حرية الصحافة :

ويقصد بها حرية التعبير عن الرأي في الجرائد والمجلات المختلفة، وقد تطور مفهوم الصحافة مع تطور وسائل الاتصال، فأصبحت حرية الصحافة تشمل الصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة، وتمارس حرية الصحافة في نطاق النظام العام والآداب العامة، ولكن يجب أن لا تستعمل كأداة للتشهير بالغير، وللتدخل في حياته الخاصة.

4 ـ حرية الرأي :

وترتد الحريات الفكرية المذكورة سابقاً جميعها إلى فكرة حرية الرأي وحرية التعبير عنه، سواء بوساطة ممارسة الشعائر الدينية، أم بوساطة التعلم والتعليم، أم بوساطة الصحافة، أو النشر في الكتب ، وتحقق حرية الرأي في المجتمع وظائف عديدة: فهي وسيلة لتحقيق تأكيد الأفراد لذواتهم، كما أنها أسلوب لا يستغنى عنه لتقدم المعرفة، واكتشاف المجتمعات الإنسانية للحقائق.

ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي الذي تبنته الأمم المتحدة عام 1948 أن: «لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير؛ ويتضمن هذا الحق حرية الفرد في تكوين آراء بدون تَدَخُل أحد، والبَحث عن واستقبال ونقل المعلومات والأفكار من خلال كافة وسائل الاتصال بصرف النظر عن حدود الدول.

ختاماً تقرر الشريعة الإسلامية حقوقاً شخصية اجتماعية أخرى متصله بشخصية الإنسان لا تتطرق إليها مواثيق حقوق الإنسان الدولية مثل حقوق بر الوالدين، الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، حق مقاومة الأضطهاد والعدوان والجهاد وهذا الحق لا تصرح به المواثيق الوضعية، وحق التكافل الاجتماعي (الزكاة) وغيرها وجدت قبل ظهور المواثيق الدولية.

Translate

google-playkhamsatmostaqltradent