recent
أخبار ساخنة

الظالم والمظلوم

الصفحة الرئيسية







كتبت هالة الشحات 

قال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) وقال أيضاً في الحديث القدسي: (يا عبادي، إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسي وجعلتُه بينكم محرَّماً، فلا تظَّالموا)

يتعرّض الظالم في حياته إلى كثيرٍ من المحن والفتن والخسران ، ويقترب من الهلاك، الذي يأتيه بسبب ظلمه واعتدائه، وتلك سنة الله تعالى للظالمين، أفراداً كانوا أم جماعاتٍ، فكثيراً ما أهلك الله تعالى أقواماً بأكملها، عندما ظهر الظلم فيهم وانتشر، حيث قال: (وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ*فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ*لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ*قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ).

يُقذف الظالم بالكثير من الدعوات ممّن ظلمه، ويستجيب الله تلك الدعوات، ويأخذ بها، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (اتقِ دعوةَ المظلومِ، فإنها ليس بينَها وبينَ اللهِ حجابٌ) فالله تعالى تعهّد بتلك الدعوات، بل وتُرفع فوق الغمام، حيث يقول: (وعزَّتي وجلالي لأنصرَنَّك ولو بعد حينٍ)

فعلى الظالم أن يحذر من دعوة من ظلمه، ويخشاها، وينتهي عن ظلمه، ويتوب إذا رغب بالنجاة منها. يُعرّض الظالم نفسه إلى عذاب الله وسخطه، ومن ثمّ خسارة آخرته، حين ينقلب إلى الله تعالى، ذلك أنّ الله يرى ويسمع ما يقوم به العباد، حتى يُحاسبهم على ذلك يوم القيامة ،قضى الله سبحانه أن يُمهل الناس الظالمين ولا يعجّلوا لهم العقوبة؛ لحِكَم كثيرة، منها: استدراج الظالم ليأخذه الله على أقبح حالٍ وأشنع صورةٍ، وفي ذلك قال الله سبحانه : (إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) وقد يكون الإمهال فرصةً للتّوبة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى .

وتوعّد الله تعالى الظالم بشديد العقاب في الآخرة، وذكر ذلك في العديد من الآيات، منها قوله: (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ*سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ*لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)

وممّا يزيد ذلك الأمر شدةً أنّ الله تعالى من يأخذ الحقوق، ويقتصّ من الظالم للمظلوم، ويقضي بين الناس في الدنيا قبل الآخرة ، فلا سبيل إلى النجاة من سخط الله وعقوبته، حيث قال الله تعالى: (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ*الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)

يُحرِم الظالم نفسه من رحمة الله ، وعنايته، وهدايته، حيث يقول الله تعالى: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)

يُحرِم الظالم نفسه من الشفاعة يوم القيامة، حيث يقول الله تعالى: (مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ)

يخسر الظالم حسناته، وما عمل من خيرٍ في الدنيا، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ الظالم كالمفلس يوم القيامة، ستُؤخذ منه حسناته، وتُعطى لمن كان قد ظلمهم في الحياة الدنيا، ثمّ إذا فنيت حسناته ، ولا يزال عليه حقوقٌ للناس، فيُؤخذ من سيئاتهم، فتُطرح على سيئاته، ثمّ يُطرح في النار معذباً .

Translate

google-playkhamsatmostaqltradent